إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

52 ـ آدم سميث Adam Smith

         ولد آدم سميث عام 1723م، لعائلة أسكتلندية، اشتغل كثير من أفرادها في الأعمال الحكومية. توفي أبوه قبل مولده بأشهر، ورعته أمه خلال فترة صباه. وفي عمر الرابعة عشرة أي في عام 1737م التحق آدم سميث بجامعة جلاسجو بأسكتلندا، ودرس على يد بروفسور هتشسون Hutcheson  الرجل، الذي قال "إن أعظم سعادة هي التي ترتبط بأكبر عدد The greatest happiness For the greatest number" والذي عرف بنظراته الطبيعية إلى المسائل الأخلاقية، وبربطه بين الدين والحرية السياسية، وبسبب آرائه في هذه المجالات اصطدم بالأفكار الدينية السائدة. وقد اعترف آدم سميث بفضل البرفسور هتشسون عليه وأنه قد تأثر كثيراً بأرائه.

         وفي 1740م (في عمر السابعة عشرة) أُعطي منحة دراسية لدراسة اللاهوت في جامعة أكسفورد في كلية باليلول Bolliol College. وعلى الرغم من إقامته الممتدة في أكسفورد، فإنه لم يعجب إطلاقا بالمناخ الأكاديمي في تلك الجامعة،ولم تكن علاقته بأساتذته وزملائه الطلبة على ما يرام، حيث أشار إلى ذلك في مؤلفه العظيم The Wealth of Nations بقوله: (في جامعة أكسفورد، نجد أن العدد الأكبر من الأساتذة قد ترك، حتى مسألة إدعاء التدريس، لعدد من السنوات) ولقد فسر هذا الإهمال من جانبهم بضآلة العائد المالي، الذي يتلقونه مقابل القيام بالعمل المعهود إليهم.

         وفي عام 1746م ترك سميث جامعة أكسفورد وعاد إلى موطنه لعدة أسباب منها: صفة التشكيك، التي كان تميز بها حينذاك، وتأثره بفلسفة هتشسون وأعمال دافيد هيوم، وهناك سعى للحصول على وظيفة تدريس، إلا أنه لم يوفق في الحصول عليها إلا بعد خمس سنوات، حينما عرضت عليه جلاسجو كرسي أستاذ المنطق. وفي العام التالي انتقل إلى كرسي الفلسفة الأخلاقية الذي كان في السابق مشغولاً بأستاذه هيتشسون.

         عاش آدم سميث في فترة تميزت باتساع آفاق المتعلمين وتعدد فروع معرفتهم، ولذلك نجد أنه كتب في الفلسفة الأخلاقية، وكان له فيها أول كتاب ناجح باسم The Theory of Moral Sentiments كما كتب في القانون، وفلسفة الأديان وفي علم الفلك.

         وقد كان كتاب آدم سميث في الميول الأخلاقية، الذي أشرنا إليه سابقاً، الذي نشر في 1759م من الأعمال التي ساهمت بالقليل فقط في فرع الفلسفة، ولكنه احتوى محاولة جادة لتكوين صورة، عن التكوين الطبيعي للمجتمع. وفي هذا الكتاب، فسر آدم سميث السلوك الإنساني على ضوء ثلاثة أزواج من الدوافع:

  1. حب النفس والعطف.
  2. الرغبة في الحرية وحب التملك.
  3. عادة العمل والميل للمبادلة.

         ورأى سميث أن هذه الميول الطبيعية يوازن بعضها بعضاً، وتؤيد في مجموعها وجود وضع اجتماعي يسوده تناسق طبيعي بين الأفراد، بحيث لو تُرك أي فرد ليسعى وراء مصالحه الخاصة، فإنه، بلا وعي، يحقق الصالح العام. ولقد كانت تلك هي الفلسفة الأساسية، التي استند إليها في دفاعه عن نظامه الاقتصادي، والسياسي.

         وفي 1762م ترك سميث كرسي الأستاذية في جامعة جلاسجو، ليعمل مدرساً خاصاً لابن أحد الدوقات. وقد دفعه إلى قبول هذا العمل، العائد المالي المرتفع، والفرصة التي أتيحت له في السفر والترحال، وقلة وقت العمل، الذي أتاح له فراغاً كبيراً، مكنه من الاطلاع، والبحث والكتابة، فيما بعد. وفي 1764م كتب سميث من فرنسا إلى صديقه هيوم قائلاً: إن عمله يترك له وقت فراغ كبير، حتى أنه بدأ يكتب كتاباً، وقد صدر ذلك الكتاب عام 1776م بعنوان: "ثروة الأمم".

         قضى سميث، الثلاثة عشر عاماً الأخيرة، من حياته، مديراً لجمرك جلالة الملك في أسكتلندا. ولعل هذا يُعد من الأمور الغريبة، التي ميزت آدم سميث. فبينما كان ينادي بإلغاء القيود الجمركية، لبعث حرية التجارة، كان يؤدي عملاً متناقضاً تماماً. كان سميث ، في كتاباته ، فيلسوفاً باحثاً عن مصلحة الإنسان، ولم يكن واقعياً يحاول أن يضع آراءه محل التنفيذ كما كان يفعل غالبية الكتاب الاقتصاديين، الذين سبقوه. إلا أن هذا لا يعنى أبداً أن سميث قد اتبع مبدأ التفكير المثالي وابتعد عن معالجة الواقع، على العكس من ذلك فقد وضع تفكيره وآراءه في قالب اقتصادي سياسي، اعتقد أنه أكثر ما يكون ملاءمة من الناحية الواقعية لزيادة الرفاهية المادية أو الثروة.